ترامب
بعودة ترامب للبيت الأبيض مرة أخرى بعد فوزه الدراماتيكي التاريخي على كاميلا هاريس سيتم إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط والعالم والتحالفات بشكل جذري ا، مع أبعاد تتجاوز مجرد الحفاظ على الأصدقاء ومعاقبة الأعداء. فما جرى في غزة، حيث نجحت المقاومة الفلسطينية بقيادة "حماس" في تنفيذ عمليات نوعية وصفت بالأكبر والأكثر دقة ضد الجيش الإسرائيلي، قد يضع ترامب أمام واقع سياسي وأمني جديد يحتاج منه إلى تكتيكات واستراتيجيات معقدة، خاصة مع تحالفات هشة وتوازنات متغيرة.
أصدقاء ترامب: استراتيجية الدعم والمصالح المتبادلة
*عبد الفتاح السيسي*: تُعد علاقة ترامب بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي متميزة ومتينة، حيث لطالما أشاد ترامب بجهود السيسي في محاربة الإرهاب.
بعد طوفان الأقصى، من المتوقع أن يزداد التعاون بينهما، حيث سيجد ترامب في مصر حليفًا محوريًا قادرًا على لعب دور الوسيط والموازن في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. سيتحرك ترامب لدعم السيسي سياسيًا واقتصاديًا، وربما يشمل ذلك زيادة المساعدات العسكرية لمصر لتثبيت الاستقرار في سيناء، وقد يتجه إلى دعم مشاريع مشتركة في مجال الطاقة والزراعة لتعزيز الاقتصاد المصري، وتقديم حوافز تدعم الحكومة المصرية لمواصلة موقفها الحازم تجاه "الإخوان" وحركة "حماس".
*محمد بن سلمان*: العلاقة بين ترامب ومحمد بن سلمان قائمة على المصالح الاقتصادية والأمنية، خاصة في مواجهة النفوذ الإيراني.
طوفان الأقصى ربما سيحفز ترامب على دعم موقف بن سلمان الحازم ضد إيران وتدخلاتها الإقليمية. ومن المتوقع أن يسعى ترامب لعقد صفقات جديدة، تشمل تعزيز التعاون الأمني لمواجهة تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. وقد يُقدم ترامب على تسهيل المزيد من صفقات التسليح للسعودية، إلى جانب تحفيز الشركات الأمريكية للاستثمار في مشاريع "رؤية 2030" التي يقودها بن سلمان، مما يجعل من التحالف السعودي-الأمريكي قاعدة لمواجهة النفوذ الإيراني وتحجيم تأثير "حماس" وحلفائها في المنطقة.
*فلاديمير بوتين*: رغم الحذر الذي يحيط بعلاقة ترامب مع بوتين بسبب التوترات السابقة والتدخلات الروسية في دول الجوار، فإن فوز ترامب يمنحه فرصة لتجديد هذا التحالف القائم على المصالح المشتركة. قد يستفيد ترامب من علاقته ببوتين لتنسيق الجهود تجاه التوازن الإقليمي، وربما يسعى للحصول على دعم روسي للضغط على إيران وتقليص وجودها في سوريا، بهدف إضعاف قنوات الدعم التي تصل إلى "حماس" وحزب الله. أيضًا، من المتوقع أن يعيد ترامب النظر في العقوبات المفروضة على روسيا كجزء من تفاهمات جديدة قد تخدم أهدافه في الشرق الأوسط، ما قد يُمهد لتفاهمات أوسع تتعلق بالأمن الإقليمي.
*بنيامين نتنياهو*: يعتبر نتنياهو من أقرب الحلفاء لترامب، وسيكون له دور محوري في سياسات ترامب الشرق أوسطية، خاصة بعد طوفان الأقصى. من المحتمل أن يقدم ترامب دعمًا أكبر لإسرائيل في مجالات الأمن والاستخبارات، وقد يشارك في ترتيب اتفاقيات أمنية متقدمة مع إسرائيل وقد يصيغ رؤية لوقف الحرب في غزة تكون منحازة تماما لإسرائيل ، تعزز من قدرة نتنياهو على التصدي لأي تصعيد جديد مع "حماس" أو "حزب الله"، وتوفير دعم أمريكي قوي ضد أي تحرك محتمل من المقاومة الفلسطينية.
أعداء ترامب: سياسة القمع والحصار الشديد
*حركة حماس*:
، من المتوقع أن يسعى ترامب إلى تكثيف العقوبات عليها، مع توجيه ضغط دولي من خلال مجلس الأمن والأمم المتحدة لتصنيف الحركة كمنظمة إرهابية بصورة أشد، وفرض المزيد من القيود على الدول التي تتعاون معها أو تقدم لها دعماً. وقد يعمل ترامب على زيادة التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل لتقويض قدرات الحركة في غزة، ومنع وصول المساعدات الخارجية أو تقليصها عبر التشريعات والسياسات المالية الدولية، مما قد يزيد من عزلة "حماس" ويجبرها على تقديم تنازلات في المفاوضات المستقبلية.
*علي خامنئي وإيران*: لا شك أن إيران ستظل الهدف الأكبر لترامب، خاصة بعد الطوفان. سيسعى ترامب إلى تكثيف سياسة "الضغط الأقصى" على طهران، وذلك من خلال فرض عقوبات اقتصادية أشد قسوة لتقويض قدراتها في دعم "حماس" و"حزب الله". ومن المتوقع أن يعمل على التنسيق مع دول الخليج، وتحديدا السعودية والإمارات، للحد من نفوذ إيران في المنطقة. وربما يُنشئ ترامب تحالفات إقليمية جديدة لتعزيز الجبهة ضد طهران، ويعمل على تفعيل العقوبات بطرق جديدة تهدف إلى شل الاقتصاد الإيراني وتقليص دعمها للمجموعات المسلحة في المنطقة.
*نعيم قاسم وحزب الله*: يُنظر إلى حزب الله كتهديد مباشر لحلفاء ترامب في المنطقة، وبخاصة إسرائيل. قد يتخذ ترامب خطوات أكثر حدة تجاه قادة الحزب، مثل نعيم قاسم، سواء من خلال عقوبات إضافية أو عبر دعم عمليات استخباراتية إسرائيلية تستهدف كوادر الحزب في لبنان وسوريا. وسيكون هناك تنسيق أمني مكثف مع الدول الأوروبية لحظر نشاطات الحزب السياسية والمالية في القارة، وربما يلجأ إلى الضغط على الحكومة اللبنانية لتقليص نفوذ الحزب داخل مؤسسات الدولة.
*فولوديمير زيلينسكي*: تختلف علاقة ترامب بأوكرانيا عن علاقته ببوتين، ومن المتوقع أن يكون هناك تغييرات جذرية في هذه السياسة. قد يقلل ترامب من دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، ويسعى لتهدئة التوتر مع روسيا، ما قد ينعكس سلبًا على زيلينسكي، ويجعله في وضع أصعب أمام شعبه وخصومه. قد يدعو ترامب إلى حوار مباشر بين أوكرانيا وروسيا، في إطار صفقة قد تتضمن تخفيف العقوبات عن موسكو.
*شي جين بينغ رئيس الصين*: الصين منافس اقتصادي كبير، وسيكون ملفها من أولويات ترامب. من المتوقع أن يعاود فرض رسوم جمركية على الواردات الصينية بشكل صارم، وقد يدفع نحو تقييد الشركات الصينية، وبخاصة في مجالات التكنولوجيا، من دخول السوق الأمريكية. كما قد يسعى لتعزيز التحالفات مع دول المحيط الهادئ وكبح النفوذ الصيني المتنامي في آسيا.
سيناريوهات وتوقعات
يمكن القول أن عودة ترامب تعني عودة السياسة الصدامية وارتفاع وتيرة التوترات الإقليمية والدولية. ستكون استراتيجيته مبنية على دعم الحلفاء وتعزيز قوتهم في مواجهة أي تهديدات، خاصة تلك القادمة من إيران وحركات المقاومة الفلسطينية، وفي المقابل، سيتبع سياسة حصار وضغط غير مسبوقة على الأعداء التقليديين.